ما وراء تعليق وفد حكومة هادي حضور جلسات مفاوضات الكويت..؟
1 مايو، 2016
882 15 دقائق
يمنات – خاص
أنس القباطي
تعليق وفد حكومة هادي لجلساته في مفاوضات الكويت مؤشر على عدم رغبة السلطات السعودية في مسار التفاوض الأخير.
المسار المتعلق بمناقشة تصورات الوفدين للسلطة الانتقالية القادمة، بات مقلق للسعودية و الرئيس هادي الموالي لها، فأجهضته من خلال الايعاز لوفد حكومة هادي بتعليق التفاوض.
ارجاع تعليق التشاور إلى اقتحام لواء العمالقة بعمران، هو نوع من خلق مبرر للتعليق، كون عملية الاقتحام لم تتم بالصورة التي تم الترويج لها.
الرغبة في تعليق التفاوض كانت واضحة بتقديم وفد حكومة هادي لتصوره حول المرحلة القادمة، و التي قدمت بشكل مجتزأ، و كان يفترض استكمالها في جلسة اليوم الأحد.
نسف التفاهمات
السعودية و هادي نسفا التفاهمات التي تم التوصل إليها خلال مشاورات مطولة، بذلت خلالها جهود دبلوماسية دولية و اقليمية، نسفا ذلك كله بإقالة بحاح و تعيين علي محسن نائبا لهادي.
التفاهمات السابقة كانت تقضي بنقل السلطة من هادي إلى بحاح، على غرار ما جرى في العام 2011، حين نُقلت السلطة إلى هادي من سلفه “صالح”. غير أن استمرار طرح نقل السلطة من الرئيس إلى النائب في الوقت الحالي بعد اقالة بات غير مقبولا كون “محسن” هو خصم أنصار الله و المؤتمر.
مسار جديد
و بالتالي لابد من البحث عن مسار جديد، من وجهة نظر الطرفين، غير أن هادي يرى أن نجاح أي تفاوض يعني خروجه من السلطة، في حين ترى السعودية أن الخروج بحل سياسي من مفاوضات الكويت، بعيدا عنها يعني تحميلها مسئولية جرائم الحرب التي ارتكبها طيرانها خلال عام، و الذي بدأت تندد به المنظمات الدولية، و حولته إلى قضية حقوقية أصبحت تشكل ضغطا على الحكومات الغربية.
هدف هادي والسعودية
و من هنا فإن “هادي” يسعى لإعاقة التفاوض بما يضمن بقاؤه في السلطة على الأقل في القترة الانتقالية و ربما يسعى للحصول على ذات الميزات التي حصل عليه “صالح”. في حين تسعى السعودية لاستضافة المفاوضات للتأثير على الاتفاق، و بما يظهرها و كأنها راعية لها، و بالتالي الايحاء للداخل اليمني بأن أنصار الله أصبحوا جزء من الركب السعودي، ما يعني الانسلاخ من تحمل أي مسئولية في الحرب، باعتبار أن حكومة هادي هي من طلبت ذلك، فضلا عن تهربها من بند الإعمار، الذي ترى أن يعقد له مؤتمر دولي.
نزع غطاء الشرعية
تعليق وفد حكومة هادي حضوره المفاوضات، يأتي في سياق تغيير مسار التفاوض من البحث في آليات تشكيل السلطة الانتقالية إلى البحث في محاور أخرى، و ربما إعادته إلى النقطة الأولى (وقف اطلاق النار و الأعمال العسكرية)، و ربما اعطاء فرصة كافية لانضاج مسار جديد عبر اقناع السفراء المسيرين للتفاوض بتبنيه و طرحه على الطرف الآخر.
هادي و حكومته و المتحالفين معه، يرون أن البحث في موضوع آليات السلطة الانتقالية القادمة، يعني تحقيق مطالب خصومهم كاملة غير منتقصة، و نزع غطاء الشرعية عنهم، في حين ترى السعودية أن نجاح اتفاق تشكيل سلطة انتقالية، يعني التخلي عن ورقة مهمة بالنسبة لها و هي “شرعية هادي” و التي مكنتها من تصويغ حربها على اليمن.
سرداب مظلم
و في ذلك اشارة إلى أن تفاهمها الأخير مع أنصار الله و الذي أثمر وقف اطلاق النار و الأعمال العسكرية في الحدود، لم يصل إلى المرحلة التي تطمئنها، و بالتالي فإن تخليها عن أوراقها في ظل عدم وجود طمأنينة يعد بمثابة الدخول في سرداب مظلم غير معلوم نهايته.
السعودية ترى أن القرار 2216 وضع حصارا على أنصار الله و صالح، جعلهم يسعون للخروج منه، ما يجعلها تضغط بهذا القرار على أنصار الله، عن طريق هادي و حكومته للخروج بمكاسب جديدة تضمن على الأقل حماية حدودها الجنوبية، التي يقف أنصار الله على امتدادها، و بالتالي لابد من أن تطمئن بأنهم سيكون حلفاء في المرحلة القادمة، قبل أن تتخلى عن أوراقها الجديدة، على اعتبار أنهم أصبحوا الطرف الأقوى في الداخل اليمني.
ادراك سعودي متأخر
عام من الحرب في اليمن، جعل السعودية تدرك حجم التأثير الذي بات لـ”أنصار الله” في أوساط قبائل شمال الشمال، و خبرت ذلك من خلال عدم قدرتها على تحريك هذه القبائل خلال عام من الحرب، عن طريق أدواتها (الإصلاح، محسن، آل الأحمر)، فسعت للتفاهم مع أنصار الله بعيدا عن حليفهم “صالح” و حلفائها (الإصلاح ، هادي، محسن، آل الأحمر).
تفاهمات السعودية و أنصار الله الأخيرة، لا تزال سرا مغيبا عن حلفاء الطرفين، و بالتالي لابد من اطمئنان الطرفين لبعضهما، حتى يتم اعتماد هذه التفاهمات كخارطة طريق للمرحلة القادمة، حيث ستمررها السعودية على حلفائها، في حين سيبقى “صالح” هو حجر العثرة أمام الطرفين.
السعودية تريد من هذه التفاهمات تكرار ما عملته بين الجمهوريين و الملكيين، في بداية السبعينات، و الذي أعاد الملكيين (حلفاء الرياض) حكام بوجه جمهوري، و تم ذلك حين ادركت السعودية أنها تأثيرهم أضمحل في الداخل، فاستبدلتهم بحلفاء جدد من الجمهوريين (مشائخ ، عسكر ، رجال دين) أو ما يسمى باليمنين الجمهوري، فدعمتهم لإزاحة الثوار الشباب أو اليسار الجمهوري، و هو ما تريد تكراره اليوم.
فيتو سعودي
الفيتو السعودي على “صالح” خلال تفاهماتها مع أنصار الله، سيجعل “صالح” و حزبه، يستخدمون أوراق ضغط لا يزال يملكها “صالح” لتغيير الموقف السعودي تجاههم، أو على الأقل عدم وضعها العراقيل أمامهم.
مقابلة “صالح” يوم أمس السبت 30 إبريل/نيسان 2016، مع قناة روسيا اليوم، مؤشر واضح على ذلك، حيث وجه اتهام صريح لـ”الرياض” بالوقوف خلف اغتيال الرئيس السابق إبراهيم، و إشراف ملحقها العسكري، صالح الهديان، على العملية.
التلويح بورقة اغتيال الحمدي
أراد “صالح” من خلال هذا التصريح الجريء الضغط على السعودية، و كأنه يريد أن يقول لها، أن استمرار الفيتو السعودي عليه، سيجعله ينتقل إلى خيار “علي و على أعدائي”، و يظهر ذلك حين هدد بوثائق تثبت ضلوع السعودية في عملية الاغتيال هذه.
“صالح” لم يكن من بدأ بفتح هذا الملف الشائك، لكنه استغل اتهام قناة العربية الممولة من السعودية له بوقوفه خلف اغتيال الحمدي، فرد عليها ضاغطا و مهددا في الوقت ذاته، و مستغلا الرأي العام الشعبي في اليمن المسلم بأن السعودية هي من اغتالت الحمدي.
للاشتراك في قناة موقع “يمنات” على التليجرام انقر هنا